حوار | البطالة وتداعيات جائحة كورونا على العمال

لا تزال جائحة كورونا بتداعياتها الجارفة تضرب مختلف مناحي الحياة، الصحية والاقتصادية وغيرها، وتطال كل الشرائح الاجتماعية دون أن تلوح بالأفق نهاية قريبة لانتشار الفيروس المستجد، لتعود الحياة الطبيعية إلى نصابها.

حوار | البطالة وتداعيات جائحة كورونا على العمال

(توضيحية)

لا تزال جائحة كورونا بتداعياتها الجارفة تضرب مختلف مناحي الحياة، الصحية والاقتصادية وغيرها، وتطال كل الشرائح الاجتماعية دون أن تلوح بالأفق نهاية قريبة لانتشار الفيروس المستجد، لتعود الحياة الطبيعية إلى نصابها.

ولربما في وقت طالت فيه تداعيات الجائحة الجميع دون استثناء، إلا أنه يبقى هناك تفاوت بحجم الأضرار بين شريحة وأخرى في المجتمع.

وهبة بدارنة

وفي هذا الصدد، تعتبر شريحة العمل الأضعف والأكثر تضررا، فهم الذين ألقت كورونا بهم إلى سوق البطالة، ليتحول التحدي الأكبر أمامهم، وهو الصراع على لقمة العيش، إلى هاجس يومي، وخصوصا العاطلين عن العمل والعالقين بين فكي الإجراءات البيروقراطية والاحتياجات اليومية، في مكاتب التشغيل وغيرها.

إهمال واستغلال طبقي

واعتبر المحامي والمستشار القانوني في نقابة العمال العرب بالناصرة، وهبة بدارنة، أن "علاوة على القهر والاستغلال الطبقي للعمال فإن جائحة كورونا جاءت لتفضح أكثر التعامل العنصري مع العمال العرب والإجحاف والغبن المزدوج الذي تعانيه هذه الشرائح جراء الاستغلال والإهمال الفاضح الذي تكشف أكثر وأكثر، مؤخرا".

وأكد بدارنة، لـ"عرب 48"، أن "كل الشرائح العمالية والموظفين في القطاع العام والخاص قد تكبدت ضررا ماليا واقتصاديا فادحا بسبب كورونا. وعلى صعيد آخر، إذا كنا نتحدث عن المجتمع العربي في البلاد، فإن فئة العاطلين عن العمل من مستحقي مخصصات ضمان الدخل كانت الأكثر تضررا، ناهيك عن أصحاب المصالح التجارية الخاصة وأصحاب الورش الصغيرة الذين لم يتلقوا الحد الأدنى من المنح أو الدعم الحكومي، لغاية الآن".
وأشار إلى أن "حجم الضرر الذي لحق بمئات الآلاف من العائلات العمالية في البلاد أظهر جليا مدى الاستهتار للسلطة أو الحكومة بشرائح العمال، من جهة أخذت الجمعيات الأهلية المحلية دورا إيجابيا بتوزيع الإعانات والطرود الغذائية على العائلات العمالية الفقيرة، كما فعلت نقابة العمال العرب في الناصرة، لكن على ذات الصعيد كان واضحا انعدام الأطر والمؤسسات التي من شأنها أن تقدم الحلول أو العلاج النفسي والاجتماعي لأفراد العائلات التي دخلت في صراعات ومشاكل بيتية بسبب المكوث المتواصل في البيوت، في حالة من الملل. أعتقد أن أزمة كورونا كانت وما زالت أشبه بحالة حرب، وهنا كان واضحا جدا فشل الحكومة الإسرائيلية في التعامل مع هذه الأزمة، وخصوصا في توفير حلول على المستوى الصحي وأيضا في مجال التعليم وفيما يتعلق بعودة طلاب المدارس إلى مقاعد الدراسة".

400 ألف عامل لم يتقاضوا مخصصات البطالة

وشدد بدارنة على أن "هناك جانبا مهما أفرزته أزمة كورونا في إسرائيل، إذ كشفت هذه الأزمة مدى وحشية وضراوة النظام الرأسمالي في إسرائيل المعادي للشرائح الفقيرة في البلاد، سواء كان ذلك في صفوف الفقراء العرب أو اليهود، مثال على ذلك فيما يتعلق بمنح مخصصات البطالة للعمال الذين فقدوا أماكن عملهم بسبب كورونا، إذ أن الحكومة منحت العمال مخصصات بطالة زهيدة وحتى مثيرة للسخرية والضحك، فهي قسمت شرائح العمال لمجموعات مختلفة، وقامت بتوزيع مخصصات البطالة وفقا للجيل وعدد الأولاد أو وفقا للوضع الاجتماعي إذا كنت أعزبا أو متزوجا. طبعا هذا الوضع خلق تمييزا صارخا وحتى عنصريا تجاه طبقة العمال، وزاد الأمر تعقيدا لدى عائلات العمال الفقيرة، أضف إلى كل هذه المعاناة بأن أكثر من 400 ألف عامل لم يتقاضوا مخصصات البطالة بسبب البيروقراطية التي تنتهجها مؤسسة التأمين الوطني في إسرائيل من خلال المطالبة بالوثائق والأوراق من العمال، وخصوصا أن تعبئة هذه الوثائق كانت عبر الإنترنت الأمر الذي خلق حالة كبيرة من البلبلة بين الكثير من العمال العرب الذين لا يتكلمون اللغة العبرية".

تكريس حالة العوز والفقر

ولفت النقابي إلى أن "تعامل السلطة مع الأزمة، وتحديدا في أوساط الجماهير الفلسطينية في البلاد، تميز مرة أخرى بعنصرية الدولة تجاه مواطنيها العرب، سواء كان ذلك على صعيد الخدمات الصحية، سيارات الإسعاف، نقاط الفحص الصحي للكورونا، أو على تزويد المدارس العربية بمواد النظافة والتعقيم، ولعل ما حدث في قرى النقب يؤكد أننا لا نزال نعيش في دولة أبارتهايد".

وختم بدارنة بالقول إن "الحل لهذه الحالة لن يكون إلا بتوفير مناطق صناعية تكون كفيلة باستيعاب آلاف العمال العرب في مدنهم وقراهم، وهذا يتطلب وقف التمييز العنصري وفتح مناطق صناعية لأن مكاتب التشغيل فقط تعمق وتكرس حالة العوز والفقر، وهي ليست عنوانا لحل آفة البطالة في مجتمعنا".

التعليقات